نكبة السودان… مغولُ العصر يعيثون في الأرض فسادًا
أكد الأستاذ "إسلام الغمري" نائب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والإستراتيجية في مقال له، السودان يعيش اليوم مأساةً جديدة تعصف بمدنه وأهله، حيث تحوّلت دارفور والفاشر إلى ساحة دمٍ ودمارٍ على يد ميليشيات الدعم السريع، وسط صمتٍ دولي يثير القلق، وحذر من أن ما يجري ليس مجرد صراعٍ على السلطة، بل انهيارٌ إنسانيٌّ شامل يهدّد بانقسام السودان وتمزيق نسيجه الوطني.
جاء في مقال للكاتب والباحث السياسي "إسلام الغمري" نائب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والإستراتيجية، مايلي:
مأساة تتجدّد أمام أنظار العالم
تعيشُ السودان اليوم نكبةً جديدة تُعيد إلى الأذهان مشاهد الغزو والتدمير التي شهدها التاريخ على يد المغول، لكن مغولَ هذا العصر هم ميليشياتُ الدعم السريع الإرهابية، التي حوّلت الفاشر ودارفور إلى ساحةِ دمٍ وخراب، وارتكبت جرائمَ بشعةً ضدّ المدنيين، وسط صمتٍ دوليٍّ مريبٍ يرقى إلى التواطؤ.
إنّ ما يجري في السودان ليس نزاعًا عابرًا على السلطة، بل انهيارٌ أخلاقيٌّ وإنسانيٌّ شامل، يُعيد مشهدَ سقوط القيم وانكسار الإنسان أمام وحشية السلاح. فالمجازر التي تُرتكبُ في دارفور اليوم تُذكّر بما فعله التتار في بغداد، حين اجتاحوا المدينة وأغرقوا دجلة بالحبر والدم معًا.
من يقف خلف هؤلاء الوحوش؟
قواتُ الدعم السريع لم تولد صدفةً، بل خرجت من رحم الجنجويد التي ارتكبت فظائعَ دارفور قبل عقدين. هذه الميليشيا تحوّلت إلى كيانٍ موازٍ للدولة، يمتلك الذهب والسلاح والتمويل القادم من أطرافٍ خارجيةٍ تبحث عن النفوذ في قلب إفريقيا.
وقد وثّقت تقاريرُ الأمم المتحدة ومنظماتُ حقوق الإنسان جرائمَ حربٍ وتطهيرًا عرقيًّا واغتصابًا جماعيًّا وتهجيرًا قسريًّا، تُنفَّذ بعنفٍ منهجيٍّ يهدف إلى تغيير التركيبة السكانية في الإقليم.
لكنّ المجتمع الدولي ما زال يتعامل مع هذه المأساة وكأنها ملفٌّ إداريٌّ مؤجل، فيما تُبادُ المدنُ والقرى على مرأى من الجميع.
المأساة الإنسانية في الفاشر
مدينةُ الفاشر – عاصمةُ شمال دارفور – كانت رمزًا للتماسك والتعايش لعقودٍ طويلة، لكنها اليوم تحوّلت إلى أطلالٍ تحكي وجعَ وطنٍ بأكمله.
الآلاف من المدنيين يعيشون بلا غذاءٍ ولا دواء، والمستشفيات أُحرقت، والمياه قُطعت، والجثث تُترك في الشوارع أيامًا دون دفن.
لقد باتت الفاشر صورةً مصغّرةً لجريمةٍ ممنهجةٍ ضدّ الإنسانية، تُمارس على مرأى المنظمات الدولية التي تكتفي ببيانات الشجب والإدانة.
إنها مأساةٌ لا تُختصر بالأرقام، لأنّ وراء كل رقمٍ وجهًا واسمًا وحياةً كانت تُعاش ثم انطفأت في صمتٍ مطبق.
خطرٌ لا يتوقف
خطرُ هذه الميليشيات لا يتوقف عند حدود السودان، بل يمتد إلى أمن المنطقة كلّها. فحين تُترك جماعةٌ مسلّحة بلا رادع، وتتحكّم في مواردٍ سيادية، وتُمارس سلطتها فوق القانون، فإنّ النتيجة ستكون ولادةَ دولةٍ ظلٍّ داخل الدولة، تفتح أبوابَ الفوضى والتهريب والإرهاب.
إنّ وقف الحرب لن يتحقق بالبيانات، بل بقراراتٍ حازمةٍ تُجبر جميع الأطراف على احترام حياة الإنسان السوداني، وتضع حدًّا للنفوذ الميليشياوي الذي يهدّد بتمزيق السودان إلى أقاليم متناحرة.
أين مصر؟
السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: أين تقف مصر مما يجري على حدودها الجنوبية؟
فمصر ليست دولةً بعيدة، بل شريكٌ في المصير، وأيُّ اضطرابٍ في السودان سينعكس على أمنها القومي مباشرةً.
إنّ واجب القاهرة في هذه المرحلة أن تتحرّك سياسيًّا وإنسانيًّا، وأن تكون وسيطًا فاعلًا لا متفرّجًا صامتًا، لأنّ النار التي تشتعل في دارفور اليوم قد تمتد غدًا إلى حدودها، إن تُركت بلا إخماد.
السودان بالنسبة لمصر ليس ساحةَ أزمةٍ إقليمية، بل جدارُ أمنٍ استراتيجيٍّ يجب أن يبقى صامدًا، وإلا اختلّ ميزانُ المنطقة بأكملها.
صرخة إنسانية
إنّ ما يحدث في دارفور ليس مجرد حربٍ داخلية، بل جريمةٌ مكتملة الأركان ضدّ الإنسانية، وضدّ الضمير العالمي الذي فقد الإحساس.
ولن يغفرَ التاريخُ صمتَ العالم على إبادة مدينةٍ بأكملها، ولا تردّدَ الجيران في نجدةِ من يُذبحون على أبوابهم.
إنّ نكبة السودان تذكيرٌ بأنّ الشرّ إذا تُرك بلا حساب، يتكاثرُ كالوباء ويطرقُ أبواب الجميع.
رحم الله السودان وأهله، وجعل لهم من بعد هذا الليل الطويل فجرًا يعيدُ للأرض صوتها، وللإنسان كرامتَه، وللضمير العالمي ما تبقّى من إنسانيته.
وأين العرب من نكبة السودان؟
كيف يترك العرب السودان يضيع ويتقسم؟
كيف يسكتون على شعبٍ يُقتل بهذه البشاعة، ونساءٍ تُغتصب، وأطفالٍ يُشرّدون في العراء؟
ميليشيات الدعم السريع تقتل الأحياء، تنهب البيوت، تستولي على الممتلكات، تمارس كل الموبقات التي لم يعرفها حتى أحطُّ الناس في أي عصر.
أحد عشر مليون نازح، مئة وثلاثون ألف قتيل، وثلاثة ملايين لاجئ يبحثون عن مأوى في أرض الله الواسعة، بينما القاتل يسعى إلى السيطرة على أغنى أقاليم السودان المليئة بالذهب واليورانيوم والمعادن النفيسة.
لقد فُصل الجنوب من قبل، واليوم تُفصل دارفور، وغدًا لا ندري أي جزءٍ سيأتي دوره.
إنّ ما يجري ليس قدرًا، بل نتيجةٌ مباشرة لضعف الدولة وزراعة الميليشيات.
فحين تضعف الدولة يختفي العدل وتضيع الكرامة، وحين تُزرع الميليشيات في جسد الأمة تتحول الأوطان إلى مقابرَ مفتوحةٍ بلا حدود.
الدولة الضعيفة شؤم، والميليشيا خراب، وإذا اجتمع الاثنان ضاعت الحضارة والحياة والأحياء.
أسوأ جريمة في تاريخ الأمم هي إضعاف الدول، والأسوأ منها زرعُ الميليشيات والجماعات المسلحة التي تتحول إلى دولةٍ داخل الدولة، تلتهمُ مؤسساتها وتخربُ عمرانها وتقتلُ أحلامها.
أما الدولة الراشدةُ العاقلةُ العادلةُ القوية، فهي وحدها مظلةُ الأمان والتحضر والكرامة معًا. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
يشير الأستاذ حسن ساباز إلى أن فشل مفاوضات وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان وتصرفات الحكومة الباكستانية يزيد من تعقيد الوضع الإقليمي، كما يحذر من أن استهداف الإمارة الإسلامية الأفغانية قد يؤدي إلى تصاعد التوترات الداخلية وتهديد وحدة باكستان الوطنية.
يؤكد الأستاذ عبد الله أصلان أن الزلازل تستلزم اتخاذ الاحتياطات والبناء الآمن مع التوكل على الله لحماية الأرواح، مشددًا في الوقت نفسه على تعزيز البنية التحتية وشبكات الاتصال لضمان الاستعداد الكامل لأي كارثة مستقبلية.
يؤكد الأستاذ حسن ساباز أن غزة اليوم تمثل حماس بالكامل، التي باتت رمزًا للكرامة الفلسطينية وليس مجرد فصيل مقاوم، وأن كل محاولات تهميشها أو تبرير الإبادة فشلت في تقويض حضورها وشرعيتها.